أخبار عاجلة
10:33
أخبار عاجلة

غادرنا إلى دار البقاء، يومًا من الذاكرة الشعبية الحية، ووجهًا لطالما أنس الجمهور المغربي في مواسم التبوريدة واحتفالات الخيل. رحل أبا التهامي، الرجل البسيط الذي لم يمتلك فرسًا، لكنه امتطى قلوب الناس واحتل مكانة لا تشترى في وجدان المحبين.
لم يكن فارسًا يحمل “مكاحل البارود”، لكنه كان فارسًا من نوع آخر، يحمل الفرح في ابتسامته، والحماسة في رقصاته، والانتماء في صوته، حين كان يهتف ويكسر القلل، ويرش الماء على رأسه لحظة انفجار الطلقة الجماعية.
من مهرجانات سطات إلى مراكش والجديدة، أصبح أبا التهامي وجهًا معروفًا لكل من يعشق التبوريدة. حضوره لم يكن عرضيًا، بل تحول إلى طقس متكامل، مكمّل للعرض الرسمي للفروسية. كان يخلق مسرحيته الخاصة، يرتجل المشهد، لكن الحضور كان يحفظه، وينتظره أكثر من طلقة البارود أحيانًا.
كان ذلك الرجل البهيج، الذي يستقبل الطلقة وهو يصرخ “الله يبارك”، ويقفز بكل طاقته، ثم يكسر القلة احتفالًا بنجاح الفرسان. لم يكن موظفًا في مهرجان، ولا تابعًا لأي جهة، لكنه كان – ببساطة – أحد أصدق تمثيلات الفرح الشعبي الأصيل.
غياب أبا التهامي ليس مجرد فقدان شخص، بل طيّ لصفحة مضيئة من ذاكرة التبوريدة. تلك الشخصيات الهامشية في الشكل، لكنها جوهرية في الروح، غالبًا ما ترحل بصمت، دون أن يكتب عنها أحد. لكن أبا التهامي كتب اسمه بأفعاله، وحفر أثره في وجدان كل من حضر مهرجانًا وهتف معه.
إنا لله وإنا إليه راجعون. بقلوب مكلومة، نتقدم بتعازينا القلبية لعائلة الفقيد، ولكل عشاق التبوريدة في المغرب. أبا التهامي لم يكن مجرد مشجع، بل كان حكاية تُروى، وفرحة تُقتدى، وصوتًا لن يُنسى.
فلترقد روحك بسلام، يا من أحببت الفرس والبارود والمواسم بصدق لا يُشترى ولا يُدرّس.
MADE WITH ❤ BY REPLOYE
جميع الحقوق محفوظة لموقع برلمان نيوز 2023 © – شروط الاستخدام