أقل سعر على الإطلاق لهذا المنتج الذي يجب أن يمتلكه Microsoft للمبرمجين
أخبار عاجلة
20:01
أخبار عاجلة
بيروت- ما أن طوى لبنان صفحة الانتخابات حتى تقدمت قراءة نتائجها، وأحد عناوينها “استمرار الخلل الكبير في تمثيل النساء بالبرلمان”.
وفي تقدم خجول عن البرلمان السابق -الذي كان يضم 6 نساء من أصل 128 نائبا- فازت في انتخابات 15 مايو/أيار الجاري 8 نساء فقط من أصل 115 مرشحة.
وانقسمت الفائزات إلى مجموعتين: واحدة تنضوي مع الأحزاب التقليدية، وهن: عناية عز الدين عن حركة أمل، وندى البستاني عن التيار الوطني الحر، وستريدا جعجع وغادة أيوب عن حزب القوات اللبنانية، وجميعهن كن نائبات في المجلس السابق باستثناء الأخيرة.
ومجموعة ثانية من المستقلات وقوى التغيير، بينهن بولا يعقوبيان (كانت نائبة)، إضافة إلى 3 سيدات يدخلن البرلمان لأول مرة، وهن: حليمة قعقور، ونجاة صليبا، وسينتيا زرازير.
وفي لمحة تاريخية، يتجلى ضعف تمثيل النساء في البرلمانات المتعاقبة؛ فمنذ استقلال لبنان عام 1943 وحتى انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1992، دخلت مجلس النواب امرأة واحدة في انتخابات عام 1960.
وفي أول مجلس بعد الحرب الأهلية عام 1992 فازت 3 نساء، وفي العامين 1996 و2000 فازت 3 نساء، وفي انتخابات عام 2005 فازت 6 نساء، وفي 2009 تراجع العدد إلى 4 فائزات، ثم فازت 6 نساء في انتخابات 2018.
لكن قراءة واقع النساء السياسي، يتجاوز المسألة العددية إلى ما هو شديد التعقيد دستوريا وقانونيا وسياسيا وطائفيا واجتماعيا؛ إذ يرى مراقبون أن النائبات المنتخبات لا يتمتعن جميعا بهامش حرية واسعة لمناصرة قضايا النساء خارج حدود ما ترفضه الأحزاب التقليدية.
رفضت برلمانات لبنان المتعاقبة إقرار مشروع “الكوتا” النسائية، وامتنعت عن تشريع قوانين ملحة -أو أقرتها بصورة مجتزئة بفعل الضغط الحقوقي- حول ما يتعلق بالنساء في قضايا العنف والأحوال الشخصية وقوانين العمل والجنسية.
وفي نهاية عام 2021، أطاح البرلمان السابق بمشروع إدخال “الكوتا” النسائية إلى القانون الانتخابي، وكانت النائبة عناية عز الدين -وخلافا لتوجه حركة أمل التي تنتمي إليها- تدفع بقوة نحو إقراره، لكنه سقط نتيجة معارضته من معظم الأحزاب السياسية في البرلمان، والتي ترى أنه لا يراعي كيفية توزيع “الكوتا” واحتسابها طائفيا ومناطقيا.
ويعود شروع قانون “الكوتا” إلى عام 2006، وينص إلزاميا على حجز ما لا يقل عن 30% على القوائم الانتخابية للنساء، وتمثيلهن بالنسبة عينها في المجلس.
وفي لقاء مع الجزيرة نت، تحدثت النائبتان ندى البستاني وحليمة قعقوى عن تجربة النساء اللائي خضن الانتخابات، ومقاربتهن غير المتطابقة على مستوى تشريع القوانين البرلمانية الداعمة لحقوق النساء.
فازت حليمة قعقور أول مرة عن المقعد السني في دائرة “الشوف عاليه”، وتقول إنها أول سيدة تصبح نائبة من قريتها الجبلية بعاصير، وواجهت الكثير من التحديات والاتهامات والتشكيك في قدرتها على الصمود والاستمرار؛ كونها سيدة تترشح عن قوى التغيير في منطقة (كمعظم مناطق لبنان) لديها خصوصيتها طائفيا وسياسيا واجتماعيا.
وبرزت قعقور بوصفها شخصية حقوقية ناشطة سياسيا، وهي أستاذة جامعية في القانون الدولي، وعملت مدربة ومستشارة في بعض المنظمات الدولية والمحلية في مجال الحوكمة والتنمية المحلية.
وقالت إن وصولها من بين 8 نساء للبرلمان غير كافٍ، وإن معركتهن المقبلة يجب أن ترتكز على إقرار قانون “الكوتا” النسائية.
وترى قعقور أن الأولوية حاليا لإقرار قوانين تشريعية توفر المساواة بين النساء والرجال في الاقتصاد وسوق العمل وداخل المؤسسات، بدءا من الأجور وصولا إلى الحد من التمييز في الفرص المتاحة لهن.
ولا تفصل قعقور حقوق اللبنانيات عن الاقتصاد والسياسة؛ إذ إن “حل أزمات اللبنانيين تبدأ بإلغاء التمييز الاقتصادي وتوفير سياسات عامة تراعي معيار الجنس”.
وهي تدرك أن المعركة الحقوقية-التشريعية داخل البرلمان صعبة للغاية، و”تحتاج للمثابرة، في ظل سطوة الأحزاب طائفيا وسياسيا، مما يؤثر أيضا على مواقف بعض النائبات”.
وتذكّر بالدور المحوري للنائبة عناية عز الدين كصوت صارخ لقضايا النساء، لكن “مفاعيله التشريعية ضعيفة كونها لم تحظ بدعم الأحزاب وتأييدها”.
وتقول قعقور إن أي طرح حقوقي في البرلمان يبدأ بالدفع نحو تشريع قانون موحد للأحوال الشخصية، وإعطاء المرأة حق منح الجنسية لأبنائها عند زواجها من غير لبناني، والانطلاق من قاعدة أن الحريات والحقوق لا تتجزأ”.
فازت ندى البستاني أول مرة عن المقعد الماروني بدائرة جبل لبنان الأولى على لائحة التيار الوطني الحر (برئاسة جبران باسيل)، وكانت أول سيدة تشغل منصب وزيرة الطاقة عام 2019، وواجهت سيلا من الانتقادات في ملف الكهرباء من خصوم تيارها.
وترى ندى البستاني أن تجربتها كانت صعبة للغاية، ليس على مستوى الملف الإشكالي الذي حملته، “بل لأن المجتمع اللبناني غير جاهز كفاية للتعاطي مع سيدات ينخرطن في الشأن العام.
وقالت إنها واجهت خلال عملها بالوزارة والحملة الانتخابية تحويرا ممنهجا لكل ما هو قضية عامة، وتصار إلى مسألة شخصية عرضتها للتنمر بالنظرات والتصرفات وأسلوب الخطاب، حسب قولها.
وتضيف “وساعدني أنني كنت متمكنة من ملفي، فشكلت تحدياتي كامرأة دافعا لخوض المعركة السياسية، وتكريس ثقافة الرد والسجال على البرامج وما هو سياسي وعام”.
وواقع الحال، يواجه التيار الوطني الحر اتهامات كثيرة من جهات حقوقية تراه -مع كتل سياسية أخرى- يقف في وجه إعطاء آلاف اللبنانيات حق منح الجنسية لأبنائهن، ويربطها بأسباب متعلقة بـ”الحفاظ على وجود المسيحيين” في ظل تنامي وجود النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.
وهنا تقول ندى البستاني إنهم لا يقفون في وجه إقرار المشروع، ولديهم ملاحظات واستثناءات، لكن “مسألة الجنسية لها خصوصيتها الطائفية والسياسية والديموغرافية، ويجب التعاطي معها بواقعية بما يحفظ التوازن بين مكونات لبنان، ويمكن بحثه بطريقة مختلفة بعد حل أزمة اللجوء والنزوح”.
وتنفي البستاني رفض تيارها إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية وإلغاء المحاكم الطائفية، “بل ندعمه ورفعنا ضمن برنامجنا شعار لبنان المدني”.
وتعترف ندى البستاني بأنها كانت ضد إقرار مشروع “الكوتا” النسائية، باعتبار أن النساء يصلن بكفاءتهن إلى البرلمان وليس عبر “كوتا”، لكنني “بعد تجربتي عدلت وجهة نظري، وسأكون إلى جانب النائبات الأخريات في هذا المشروع لأن تمثيل النساء سياسيا يحتاج لحماية قانونية أولا”.
وقالت “لا بد كنساء أن نلعب دورا محوريا خارج المناكفات السياسية، مع مقاربة كل ملف على حدا بواقعية وتدوير زوايا الصدام طائفيا وسياسيا”.
منح الدستور اللبناني الطوائف سلطة استثنائية لإدارة شؤونها، مما أفرز 15 قانونا للأحوال الشخصية لـ18 طائفة، وكانت النساء -وفق حقوقيين- أولى ضحاياها في الشأنين العام والخاص.
وهنا تذكر الباحثة المحامية والناشطة الحقوقية منار زعيتر -في حديث للجزيرة نت- أن المادة السابعة من الدستور تقول إن “كل اللبنانيين سواء لدى القانون ويتمتعون بالسواء في الحقوق المدنية والسياسية”. ولا تقر صراحة بمبدأ المساواة بين الجنسين، كما لا يحظر الدستور كل أشكال التمييز على أساس النوع الاجتماعي.
وترى الباحثة أنه من الهزلي مقاربة واقع النساء المتدهور وفق قاعدة عددية حول تمثيلهن بالبرلمان، وتطرح الأسئلة الإشكالية: من هؤلاء النساء المنتخبات؟ أي هوية سياسية يحملن؟ ما قدرتهن على التأثير بين كتل البرلمان؟ وكيف سيجمعن بين المتوقع منهن سياسيا وتشريعيا وبين المتوقع منهن نسويا؟
لذا، فإن كل ما هو نسائي هو سياسي -وفق زعيتر- في برلمان يتحضر لاستحقاقات مصيرية وتمس اللبنانيين وعيشهم.
وتوضح المحامية أن ثمة نوعين من التشريعات تحتاجها النساء في لبنان كأولوية، وجزء منها منجز كمشاريع قانونية، وأولها قانون الجنسية، بلا استثناء عنصري وتمييزي، وثانيها قانون موحد للأحوال الشخصية للحد من التمييز بين النساء اللبنانيات بمختلف الطوائف.
وقالت زعيتر إن على النائبات المشرعات مسؤولية حقوقية مضاعفة من أجل الدفع نحو إقرار قوانين متعلقة بحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب والمحكمة العسكرية والحريات وغيرها، وأن يلعبن دورا في مراقبة الحكومة ومساءلتها، وتضع علامات استفهام حول قدرتهن على التوحد خارج اصطفافات القوى التي ينتمين إليها.
وتدعو المحامية إلى ضرورة عدم فصل قضايا النساء عن أطروحات الدولة المدنية والعادلة والموقف من شكل الدولة وفلسفتها والعقد الاجتماعي وعلاقة المواطنين والمواطنات بالنظام.
أما التمثيل النسائي فـ”لا يمكن التقدم به مع قانون انتخابي نسبي قسّم لبنان طائفيا ومناطقيا ولا يضمن عدالة المنافسة والإنفاق المالي”.
وتذكر أن لبنان لم يستحدث قانون أحزاب عصريا يوفر المساواة؛ فـ”الأحزاب التقليدية تريد مقاعد برلمانية من حصتها بأي ثمن، ولا يهمهما تعويم النساء التي بالكاد تخصص لهن لجان ثانوية شكلية تحمل شعار شؤون المرأة من دون أي فعالية لدورها”.
تابع الجزيرة نت على:
MADE WITH ❤ BY REPLOYE
جميع الحقوق محفوظة لموقع برلمان نيوز 2023 © – شروط الاستخدام